مثلنا لهذا اليوم يدور حول خباز كبير في السن وذات يوم قال الخباز العجوز لأحد عماله في المخبز (يا بُنّي لقد كبرت وأريدك أن تستلم العمل بذمة وأمانة، ولكلٍ من أهل هذا الحي عائلة وهو بحاجة إلى كمية معينة من الخبز فلا تزيد ولا تنقص رغيفاً واحداً، أمّا عنّي أنا فأنا أريد يومياً أربعة أرغفة أنا وزوجتي العجوز و مبارك عليك المخبز بما فيه، وسنكتفي ببيع الدجاج ).
بعد فترة أعاد هذا العامل حساباته فوجد أنّ الخباز العجوز هو وزوجته لا يحتاجون إلا لرغيفين يومياً، فأصبح يرسل لهما رغفين عوضاً عن 4 أرغفة،
بعد فترة ليست بطويلة سمع الشاب بأنّه لا يوجد في الحي دجاج، فذهب لزيارة الخباز العجوز فوجد زوجته العجوز تطعم دجاجةً واحدة وكان لديها قن كبير يتسع ل20 دجاجة،
فقال لها ماهذا يا خاله أين الدجاجات البقية؟. قالت : كما ترى لا قوّة لنا بشراء الحنطة والقمح من السوق وأنا أعتمد على الأرغفة التي ترسلها لنا فأجفف رغيفين كل يوم للدجاج ونأكل أنا وزوجي رغيفين .
وحينما قلّ ما يأتينا من الخبز لم يعد يكفينا مع الدجاج فأصبحت أقلّل من اطعامهم حتّى بدأ عددهم يتناقص إلى دجاجة واحدة ادخرتها لنا فلا أستطيع بيع الدجاج للحي،
لقد حرمت أهل الحي من الدجاج من أجل حساباتك الخاطئة ..وقالت الجملة الشهيرة اعطي الخبز لخبازه.
ومنه قول الشاعر
يا باري القوس برياً ليس يحسنه ... لا تظلم القوس اعط القوس باريها
الحطيئة من أشهر شعراء العرب في الهجاء، دخل يوماً على سعيد بن العاص الأموي في قصره وهو يولم الناس وليمة بالمدينة، وكان سعيد من أجود العرب في زمانه، وكان الحطيئة يرتدي ثياباً رثة، فجلس الحطيئة يأكل بشراهة ونهم ؛ فلما فرغ الناس من طعامهم وخرجوا، جلس الحطيئة مكانه فأتاه الحاجب ليخرجه، فامتنع وقال:
أترغب بهم عن مجالستي؟ إني بنفسي عنهم لأرغب.
فلما سمع سعيد ذلك منه وهو لا يعرفه، قال لحاجبه: دعه.
وأخذوا في الحديث والسمر يتذاكرون الشعراء والشعر. فقال لهم الحطيئة: أصبتم جيد الشعر، ولو أعطيتم القوس باريها لوقعتم على ما تريدون.
فانتبه له سعيد:
فقال له: من أنا ؟
فعرفه بنفسه، فقال سعيد:
حياك الله يا أبا مليكة؛ ألا أعلمتنا بمكانك ولم تحملنا على الجهل بك فنضيع حقك ونبخسك قسطك.
وأدناه وقرب مجلسه واستنشده ووصله.
يقول الشاعر متمثلاً بهذا المثل:
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
لا تظلم القوس أعط القوس باريها
وهو مثل تضربه العرب عند الاستعانة على أمرٍ ما بأهل المعرفة والحذق به.
ونعود للمثل هل من المنطقي أن نعطي العمل لمن هو خبير فيه، لكنه سيتلف نصفه اما جشعا او اتلاف لسوء مهنة، وكيف يحقق مقولة انه عامل ماهر لو أضاع نصف الخبز
وهذا المثل لاعلاقة له بالمثل القائل (أعط القوس باريها)، والذي جاء من بيت الشعر
يا باري القوس برياً لست تحسنها ..... لا تفسدنها وأعط القوس باريها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق