الاثنين، 11 يناير 2021

لا تبع بالرخيص ولا توصي حريص


ويذكر لهذا المثل قصتان:

الأولى أن سقَاياَ كان يبيع الماء للناس بواسطة قربة ينقلها على ظهره في الشوارع ( القربة مصنوعة من جلد الماعز وتستعمل للماء )

 وفي احد الأيام خرج الملك يتفقد أحوال الناس فرأى السقَا ينقل القربه تحت حرارة شمس الصيف الحارقة

 فرأف بحالة وأراد ان يتسبب له في خير:

فقال له: لماذا تتعب نفسك في حرارة الصيف: أليست ثلاثة تكفي لثلاثة، وثلاثة تكفي لثلاثة،

 فقال السقَا لا لا تكفي لأني أوفي دين، وديَن دين، وارمي في بحر.

فقال له الملك: إذاً لا تبع بالرخيص، فقال السقا لا توصي حريص .

فنصرف الملك وعاد لقصره وقال لوزرائه الذين سمعوا ما دار بينه وبين السقَا، هل فهمتم الحوار الذي دار بيني وبين السقا؟

قالوا لا لم ندري، وإنا لمعرفته لمشتاقون.

فقال لهم من يحضر منكم غداً وهو لم يعرف الكلام الذي دار بينني وبين السقا يعتبر نفسه مفصولاً وزارته .

وفي المساء ذهبوا لمنزل السقَا فرادى يسألون عن تفسير ذلك

 وكان يأخذ من كل واحد منهم مبلغاً كبيراً مقابل تفسيره الكلام تطبيقاً لكلام الملك لا تبع بالرخيص 

وفي الصباح قابلوا الملك وهم مرتاحي البال بعد معرفة تفسير الحوار الذي دار بين الملك والسقَا.

فسألهم فأخبروه الخبر

وكان تفسير ذلك أن معنى كلام الملك : ثلاثة تكفي لثلاثة ، يقصد بذلك ان عملك ثلاثة أشهر الربيع تكفي ويمكن ان ترتاح ثلاثة اشهر الصيف الحار،

وثلاثة تكفي لثلاثة يقصد ان عملك ثلاثة أشهر الخريف تكفيك وترتاح ثلاثة أشهر الشتاء البارد،

 فقال السقا: لا

 لأني أوفي دين يقصد بذلك: أنه يقوم برعاية والدية الذين سبق ان صرفا عليه في صغره

 ودين ديَن يقصد بذلك انه يصرف على أولاده حتى يصرفون علية في كبره مستقبلاً،

وقوله وارمي في بحر يقصد: أنه يصرف على زوجته هي البحر الذي كل ما يسقط فيه يذهب سدى

طبعا الوزراء عندما ذهبوا الى السقا فرادى واعطى كل وزير للسقى مبلغاً كبيراً ثمن لمعرفته بما دار بينه وبين الملك وهكذا استفاد السقى ونفذ الوصيه بان لا يبيع رخيص .


أما القصة الأخرى:

فيحكى أن ملكاً خرج بنزهة في مملكته وصادف في احد الحقول رجلاً طاعناً في السن يمارس العمل في حقله، فسلم عليه الملك وقال له:

كيف بعيدك؟

فقال الفلاح : صار قريب.

قال له الملك: فكيف بالإثنين ؟

فقال الفلاح : صاروا ثلاثة.

قال الملك : لماذا لم تزرع مبكراً ؟

فقال الفلاح : زرعت واصبح نصيب الآخرين.

قال الملك: لماذا لم تدخر مما زرعت ؟

فقال الفلاح : اكلوه الاثنان والثلاثون .

قال الملك : إذا لا تبع بالرخيص .

فقال الفلاح : لا توصي حريص .

التفت الملك الى الوزير الذي كان يرافقه وقال: ماذا فهمت ؟

فقال الوزير: لم افهم شيء يا سيدي .

فأعطى الملك مهلة سبعة ايام لوزيره لكي يجيب على هذا الحوار.

عاد الوزير الى بيته وهو حزين فاستغربت زوجته من حال زوجها وسألته ما الذي يقلقك ؟ 

فحكى الوزير لزوجته ما دار بينه وبين الملك، 

فقالت الزوجة : هون عليك غدا سنجد الجواب ،

 وفي الصباح ذهبا الى السوق واشتريا حمل بعير من المواد المأكولات والملبوسات والهدايا ، وذهبا إلى بيت الفلاح

 فاستقبلهما الفلاح بحفاوة، وحكيا للفلاح القصة

فضحك الفلاح وقال إذا الجمل بما حمل ؟ قال الوزير نعم الجمل بما حمل ، فقال الفلاح للوزير:

عندما قال الملك :كيف عيدك؟ يقصد البصر، فأجبته : صار قريب، أي: أن بصري ضعيف.

وأما عندما قال كيف الاثنين ؟ فيقصد: رجليَّ، فأجبته صارتا ثلاثة، أي: صرت أتوكأ على العصا.

وأما عندما قال لماذا لم تزرع مبكراً ؟ فيقصد: لما ذا لم أتزوج مبكراً لأرزق بالأولاد ليعينونني، فقلت: زرعت وأصبح نصيب الآخرين، أي: أني تزوجت ولم ارزق بذكور فذريتي بنات وتزوجنَ .

وأما لماذا لم تدخر مما زرعت؟ قلت أكلوه الاثنان والثلاثون، أي: قد فعلت وأكلته اسناني.

وأما قول الملك لاتبع بالرخيص،  فيقصد: انه سيسألك وعند عدم إجابتك ستلجأ اليَّ ، فقلت له: لا توصي حريص، وأنا لو لم أرى البعير محملاً لما أعطيك الجواب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما أشبه الليلة بالبارحة

 ما أشبه الليلة بالبارحة" مقولة شهير يرددها الكثير منا على لسانه لاسيما عندما تتشابه الحوادث وتتكرر المواقف وتتبدل الأراء والمبادئ، وله...