حكمة تقوله العرب مسترجعين ومتأنين في اتخاذ القرارات، واستغلال المحن إلى منح
وأصل المثل أنه كان عند الملك وزيراً يتمتّع بحكمة كبيرة، ويثق أنّ كل ما يقدّره الله للإنسان هو خير،
وفي يوم من الأيام خرج الملك برفقة الوزير لصيد الحيوانات، وكان كلما أخفق الملك من إصابة شيء، قال له الوزير: لعلّه خير، وأثناء مسيرهما وقع الملك في إحدى الحفر العميقة.
فقال له الوزير: لعلّه خير يا مولاي، ثمّ نزف من يد الملك دم كثير، فذهبا إلى الطبيب وأمر بقطع الإصبع حتّى لا يتضرر باقي الجسم بسببه، فغضب الملك غضباً شديداً ورفض الخضوع لأمر الطبيب، إلّا أنّ اصبعه لم يتوقف عن النزيف مما أجبره على قطع إصبعه،
فقال له الوزير: لعلّه خير، فغضب الملك على الوزير، وقال له: وما الخير في ذلك، في أن ينقطع اصبعي؟! ولغضبه الشديد أمر حرّاسه بإيداع الوزيرالسجن، فقال الوزير: لعلّه في ذلك خير،
وقضى الوزير فترة طويلة داخل الحبس. وأثناء ذلك في يوم من الأيام خرج الملك للصيد مصطحباً معه حرّاسه وبدون وزيره الذي كان يخرج معهع دائماً،
إلا أن الملك أخطأ طريقه في الغابات ووقع في يد جماعة من الأشخاص الذين يعبدون الأصنام، وقد أخذوه بهدف تقديمه قرباناً للأصنام التي يعبدونها، وعندما عرضوا الملك على قائدهم وجد إصبعه مقطوعاً فأمر بتركه وإعادته من حيث أتى وذلك لأنّ القربان يجب أن يكون صحيحاً بغير علّة،
ثمّ عاد الملك إلى القصر مبتهجاً لنجاته من الموت بأعجوبة وتذكر مقولة الوزير أن قطع أصبعه فيه خير بحيث لم يقتل قرباناً بسبب أن يده مقطووعاً،
فطلب من الحرّاس أن يحضروا الوزير إليه، وروى الملك للوزير ما حصل معه، واعتذر منه عمّا بدر منه، ثمّ سأله عن سبب قوله: لعلّه خير، هل السجن كان له خير،
فأخبره الوزير الحكيم أن الخير يكمن أنه لو لم يحبسه لكان سيصطحبه معه في الصيد كما يفعل عادة، وسيكون قرباناً للأصنام بدلاً منه.
والفصة الأخرى:
أن رجلاً كان يملك مكاناً متسعاً وله خيل يحبها كثيراً، وحدث أن هرب ذلك الحصان ولم يعد فحزن عليه فجاء الناس ليعزوه فى فقد الحصان، فابتسم وقال لهم: ومن أدراكم أن ذلك شر لتعزونى فيه؟ بل لعله خير
وبعد مدة فوجئ الناس بالحصان راجعاً ومعه قطيع من الجياد يجره خلفه، فلما رأى الناس ذلك جاءوا للرجل الحكيم ليهنئوه، فقال لهم: وما أدراكم أن فى ذلك خير، ولكن لعله خيراً إن شاء الله، فسكت الناس عن التهنئة.
وبعد ذلك جاء ابنه ليركب الجواد فانطلق به وسقط الولد من فوق الحصان فانكسرت ساقه، فجاء الناس مرة أخرى ليواسوا الرجل، فقال لهم: ومن أدراكم أن ذلك شر؟ بل لعله خيرا إن شاء الله
فغضب الناس منه إذ أين الخير من كسر ولده رجله
ولكن ما لبثوا أن نشبت حرب في هذه المملكة، فأمر الملك بتجنيد كل شباب البلاد لقتال العدو، وعندما جاؤوا إلى القرية أخذوا كل شباب القرية، وتركوا ابن الحكيم وذلك لأن ساقه مكسورة.
فعرف الناس مقولة الحكيم لعله خيرا، ولعل الخير يكمن في الشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق