السبت، 12 ديسمبر 2020

أمرٌ دُبِّرَ بليل

بعد الحصار الذي فرضته قريش على المسلمين والذي استمر ثلاث سنوات، ابتتدءا من السنة السابعة من البعثة

 قام في نقض تلك الصحيفة نفر من قريش، ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة.

 وكان هشام لبني هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان  يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا قد أوقره طعاما، حتى إذا بلغ به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبيه، فدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا فيفعل به مثل ذلك.


 ثم أنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب.

فقال: يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا.

قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها.

قال قد وجدت رجلا، قال من هو؟ قال: أنا 
قال له زهير: أبغنا ثالثا، فذهب إلى المطعم بن عدي فقال له: يا مطعم، أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه، أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا، 
قال: ويحك فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال قد وجدت لك ثانيا.
قال من؟ قال أنا، 
قال أبغنا ثالثا قال قد فعلت.
قال من هو؟ قال زهير بن أبي أمية.
قال أبغنا رابعا، فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال له نحو ما قال للمطعم بن عدي، فقال وهل تجد أحدا يعين على هذا؟ قال نعم! قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك.
قال أبغنا خامسا.
فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه، وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم ثم سمى القوم.
فاتعدوا خطم الحجون ليلا بأعلا مكة فاجتمعوا هنالك، وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها.
وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم.

فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس.
فقال: يا أهل مكة
أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

قال أبو جهل - وكان في ناحية المسجد - والله لا تشق.
قال: زمعة بن الأسود أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حين كتبت.
قال أبو البختري: صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به.
قال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها.
قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.

قال أبو جهل: هذا أمر قد قضي بليل، تشور فيه بغير هذا المكان، 
قال : وأبو طالب جالس في ناحية المسجد وقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا " باسمك اللهم ".

توفي في الحصار عم النبي صلى الله عليه ابو طالب وزجه الرضية المرضية خديجة بنت خويلد
وسمي هذا العام بعام الحزن.

المصدر:
- البداية والنهاية : 3/120.
المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
المحقق: علي شيري
الناشر: دار إحياء التراث العربي
الطبعة: الأولى 1408، هـ

قصيدة دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا ادري من قائلها:

اليوم زادوا في الفجور تعنتا .. سبّوا الرسول بصورة خرساء
لتكاد تنطق من عظيم رسومهم .. (أن برئوني من أذى السفهاء)
أمحمد يهجونه بحماقة؟! بل إنهم حمقى.. بلا استثناء
أما الرسول.. فقد تميز حكمة .. في قوله ..وبفعله البناء
أمحمد دموي؟! تبا لكم .. فهو الرحوم على مدى الأمداء
رحم البعير إذا اشتكى من كَلِّه.. رحم الفراخ..نهى عن الإيذاء
بل شوهوا.. وجه النبي محمدا .. شاهت وجوهكم بكل بلاء
فمحمد كالبدر.. نور ساطع .. كالماء صاف..بل كما اللألاء
(حرية التعبير) كان شعارهم .. وشعارنا (لن نرضى باستهزاء )
(ولد الهدى فالكائنات ضياء) .. حقا مقولة سيد الشعراء
فهو الهدى.. وهو الضياء بنوره ..يمحو ظلام العار والفحشاء
أزكى رسول ..بل وأندى من عطى ..وخليل رب الناس في العلياء
الجذع حنّ إليه..بل وحجارة .. ما مر إلا سلمت بصفاء
هذا اليتم ..أتى.. فأنقذ أمة .. تاهت وضلت في دجى الظلماء
هذا الطريد..على يديه تآلفت .. شتى القلوب..بألفة وإخاء
هذا الحليم ..إذا الجهول تطاولت ..يده ..فجرّ..رسولنا برداء
هذا البليغ..(محمد) بفصاحة ..عظمى ..ولم يقرأ بحروف هجاء
هذا الذي ما قال يوما حكمة .. إلا استفاق الكون وسط ضياء
صلى عليه الله في عليائه .. وله شفاعته بيوم جزاء
بالله ..كيف أطعتموا شيطانكم؟! .. ورسمتموه بصورة شوهاء
دمكم حلال سفكه..ومحمد ... فخر لنا ..نفديه في خيلاء
آبائنا..أولادنا ..أعراضنا ... تفديه في حب بكل نقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما أشبه الليلة بالبارحة

 ما أشبه الليلة بالبارحة" مقولة شهير يرددها الكثير منا على لسانه لاسيما عندما تتشابه الحوادث وتتكرر المواقف وتتبدل الأراء والمبادئ، وله...