الجمعة، 1 يناير 2021

إياكِ أعني واسمعي يا جارة

 تقول العرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئاً غيره

 عند التعبير بصورة غير مباشرة عما في أذهاننا بحيث يسمعه الشخص دون جرح لمشاعره

ومراعات لقواعد الأدب واللباقة
إياكِ أعني 

لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم يسعد الحال


وأول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري، 

وذلك أنه خرج يريد النعمان، فمر ببعض أحياء طيء، فسأل عن سيد الحي، فقيل له: حارثة بن لأم، فأم رحله فلم يصبه شاهدا فقالت له أخته: انزل في الرحب والسعة، فنزل فأكرمته ولاطفته، ثم خرجت من خبائها فرأى أجمل أهل دهرها وأكملهم، وكانت عقيلة قومها وسيدة نسائها، فرقع في نفسه منها شيء،

 فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء يوما وهي تسمع كلامه، فجعل ينشد ويقول:

يا أخت خير البدو والحضاره ... كيف ترين في فتى فزاره

أصبح يهوى حرة معطاره ... إياك أعني واسمعي يا جاره

فلما سمعت قوله عرفت أنه إياها يعني، فقالت: ماذا بقول ذي عقل أريب، ولا رأي مصيب، ولا أنف نجيب، فأقم ما أقمت مكرما ثم ارتحل متى شئت مسلما، ويقال أجابته نظما فقالت:

إني أقول يا فتى فزاره ... لا أبتغي الزوج ولا الدعاره

ولا فراق أهل هذي الجاره ... فارحل إلى أهلك باستخاره

فاستحيا لفتى وقال: ما أردت منكرا واسوأتاه، قالت: صدقت، فكأنها استحيت من تسرعها إلى تهمته.

فارتحل، فأتى النعمان فحباه وأكرمه، فلما رجع نزل على أخيها، فبينا هو مقيم عندهم تطلعت إليه نفسها، وكان جميلا، فأرسلت إليه أن اخطبني إن كان لك إلي حاجة يوما من الدهر فإني سريعة إلى ما تريد، فخطبها وتزوجها وسار بها إلى قومه.

وصار المثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره، يقولون( إ]اكِ أعني واسمعي يا جاره).


المصدر

مجمع الأمثال للميداني: 1/49.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما أشبه الليلة بالبارحة

 ما أشبه الليلة بالبارحة" مقولة شهير يرددها الكثير منا على لسانه لاسيما عندما تتشابه الحوادث وتتكرر المواقف وتتبدل الأراء والمبادئ، وله...